دروس على مدار الأسبوع

http://go.ad2up.com/afu.php?id=821930

السوسيولوجي

إشترك معنا ليصلك جديد الموقع

بريدك الإلكترونى فى أمان معنا

الاثنين، 16 مايو 2016

مفاهيم ونصوص فلسفية - ملخص المادة

مفاهيم ونصوص فلسفية



تقديم عام . 

لقد ضهر خطاب الاعتراف بالهويات التفافية و العرقية و الدينية في أمريكا الشمالية في سبعينيات القرن الماضي و دالك في سياق نضال الزنوج و النساء و الأقليات عموما من أجل الحصول على حقوقهم, كما ترافق مع الإجراءات السياسية التي اتخذتها دولة كندا للحد من النزاع اللغوي بين الفرانكفونيين و الأنجلوسكسون, بحيث أدى كل دالك الى ضهور تفكير سياسي جديد حول قيمة الجماعات و الثقافات في المجال السياسي و تتمثل الإشكالية الأساسية لهدا التفكير في الموازنة و النضر في متل و قيم الليبرالية المتمثلة بشكل خاص في الحرية و المساواة في الحقوق و حق الجماعات الشرعي في الاحتفاظ بخصوصيتها و قيمها و هوياتها.

·         النزعة الجماعاتية و التعدد التقافي.

  مفهوم الجماعة لم يعد يحمل تلك الدلاة القديمة بل انتقل الى مفهوم معاصر خاصة مع رولز في نظرية العدالة, و يعتبر التيار الجماعاتي أي الجماعة في المصدر للفرد خاصة فيما يخص الجانب الأخلاقي الا أنه و في ضل الحداثة تعززت الفردانية و تراجعت الجماعة مما أتر على البعد الأخلاقي خاصة التضامن و التفاعل الواجب على أي فرد داخل جماعته و من هتا يمكن القول أن الاتجاه الجماعاتي كان بديلا بالنسبة للمشكلات التي تأثرت بها الجماعة من حيت علاقة الفرد بجماعته و الخاص بالعام و علاقة الهوية بالتعدد و منا ضهر ما يسمى بالتعدد الثقافي و ما يسمى بتعدد الهويات و كما يقول تايلر بأن المجتمعات التي تعرف تعددا ثقافيا يصبح فيها الاعتراف ضروريا.

·         التعدد التقافي و سياسة الاعتراف 

. يرى  تايلور أن المجتمعات التي تعرف تعددا ثقافيا يصبح فيها الاعتراف حاجة ضرورية و ملحة ليس فقط على المستوى الوطني بل كدلك على المستوى العالمي و دالك بالنضر الى العلاقة ما بين الاعتراف و بمين الهوية حيت تشير الهوية في هدا السياق الى شيء أشبه بالإدراك الدي يتملكه الأفراد حول أنفسهم و المميزات الأساسية التي تحددهم بوصفهم كدلك و الأطروحة الأساسية التي يتقدم بها تايلور تقول " ان هويتنا تتشكل جزئيا بالاعتراف أو بغيابه كدلك بالإدراك الخاطئ أو السيئ الدي يملكه الأخرون عن هويتنا" و عليه فان الاعتراف أو عدم الاعتراف غير المطابق أو المشوه يمكن اعتباره ظلما و يشكل نوعا من الاضطهاد لأنه يسجن المعني بالأمر في نوع من الوجود الخاطئ .

ü       الاصالة : 

في نظر تايلور تكمن في الانسان الدي يتمتع باخلاق وانه يفرق ما بين الخير والشر ومن هنا فان اصل الاصالة عنده اخلاقي وليس اصل مرتبط بالتاريخ او ما شابه دلك وقد جاء هذا المفهوم في فترة مناهضة للتصور الديني اي في عصر الانوار طهر هذا المفهوم ويوكد تايلور ان الانسان هو مزيج من الشر والخير ويقول ايضا شارل لا يمكن ان يكون الذين لكونه يدعو للتعدية الثقافية لكنه يرى الاصالة من منطور الاخلاقي وليس ديني.

ü       لاحترام.

 ان القدرة الإنسانية دات طبيعة كونية تستحق الاحترام وهدا الاحترام الدي يجب ان يشمل كدلك الخصوصيات والاختلافات والتنوع بحسب تايلور وهدا ما يؤدي الى ضرورة إقرار الحق في احترام الخصوصيات أو بمعني أخر احترام الثقافات المتنوعة

ü       في اخلاق الخير العام: 

تعتبر الاخلاق عند تايلور نوعا من ترتيب الخيرات العليا و القيم التي ترتبط بها بشكل عميق و هده القيم ليس لها معنى سلبي يتمتل في كونها معايير تفرض قواعد يجب احترامها و لكنها دات مضمون إيجابي من حيت انها تعد جزءا محايتا لهويتها ولايختلف العالم الحديت عن العالم القديم في هدا الشأن لهذا يرفض تايلور اعتبار العصر الحديث و كأنه عبارة عن صحراء من القيم و انما هو عالم تسكنه بعض القيم و المثل الكبرى التي تحدد الهوية الحديثة و من هده القيم الحب و العمل و الكرم العالمي أو التضامن و العناية بالطبيعة و الحرية.

ü       في الطابع الاجتماعي للأخلاق :

 نجد أن الفيلسوف "تشارلز لرموز" يشير إلى فكرة غاية في الأهمية وتتمثل في علاقة الأخلاق في المجتمع حيث يقول أن العقل لا يتمكن من الحجاج الأخلاقي إلا داخل تجربة أخلاقية قائمة . فبدلا من السعي نحو نظرة منفصلة علينا أن نعرف ونعترف بواقع وحقيقة إنتمائنا إلى ثرات أخلاقي موجود وقائم أصلا و إدا كانت هده الصلة بين الأخلاق والمجتمع صلة قائمة وتعتبر موضوعا مركزيا في علم الاجتماع فإن ما يميز "طالح تايلور " هو طريقته في معالجة الصلة التي لا تقوم على التأسيس العقلي للأخلاق بشكل مجرد , وإنما نبدأ مما هو معطى ومن القيم القائمة ومن الخبرة الأخلاقية المعطات , ومن تلك القيم التي ينتسب إليها الأفراد بشكل عفوي وطبيعي وتشكل أساسيا من سلوكهم وفعلهم وتتفق مع محيطهم الاجتماعي هدا من جهة أما من جهة أخرى فإنىه لا يعمل على تحديد مبادئ عامة وكلية صالحة لكل إنسان على وجه العموم وإنما نأخد بعين الإعتبار المحيط الثقافي والإجتماعي وفي هدا المستوى يتدخل العقل من حيث هو ملكة نقدية وبتعبير أخر فإن وظيفة العقل في هده الحالة وظيفة نقدية وتظهر هده الوظيفة النقدية للعقل في أن واقع القيم المعاصر أو الواقع الأخلاقي المعاصر

ü       العدل : 

يعتبر العدل من بين العناصر العملية التي تتصل إتصالا مباشرا بالهوية وتعمل على تحقيق سياسة الإعتراف إن المعنى الأولي للإعتراف يقتضي طلبه بمعنى الإعتراف المتبادل وعندما يكون مفهوما على هدا النحو فإنه يكتسب معنى العدل وقد إستعمل تايلور الإعتراف في مجال المطالب السياسية المشروعة أي العادلة ولكنها لا تتصل بالحقوق العالمية التي تحدد مجتمعا عادلا وإنما بالحقوق الجماعية التي تسمح بقيام مجتمع خير وبتعبير أخر فإن الأمر يتعلق بالدفاع عن المطالب المشروعة للأقليات الثقافية والهويات المهمشة تحث مظلة العدل وقد أكد "تايلور" أنه لا يمكن الفصل بين العدل والخير

ü       المواطنة : 

إدا كان هناك من مسوغ لقيام سياسة في الإعتراف فإن هذا المسوغ يثمثل في تمكين المواطن من التعبير عن هويته كما هي ومن دون اللجوء إلى عملية الفصل بين ما يعتبر مجالا عاما وخاصا وذالك لأن المواطنة لا تتحقق إلا بالإعتراف بأصالة المواطن التي تظهر في علاقة الإنتماء العلني للجماعة والثقافة ولقد إهتم تايلور بمسألة المواطنة وبصلتها بسياسة الإعتراف حيث بين أن مبدأ المساواة بين المواطنين في الفضاء العام ظهر بعد إنتقال المجتمع القديم القائم على الشرف إلى مجتمع قائم على الكرامة والمساواة وإن هدا الإنتقال صاحبه تغير أساسي يثمتل في ظهور سياسة كونية تجعل من المساواة والكرامة أحد الحقوق الأساسية للمواطنين

شارل تايلور

استعمل الفيلسوف الكندي شارل تايلور مفهوم الاعتراف في مجال المطالب السياسية المشروعة للأقليات الثقافية والهويات المهمشة. وأقرّ بأن المجتمعات التي تعرف تعدداً ثقافياً يصبح فيها الاعتراف حاجة ضرورية، وذلك بالنظر إلى العلاقة القائمة بين الاعتراف والهوية. و بحسب عبارته فإنّ: «هويتنا تتشكل جزئياً بالاعتراف أو بغيابه، وكذلك بالإدراك الخاطئ أو السيئ الذي يملكه الآخرون عن هويتنا 1» .وعليه، فإنّ عدم الاعتراف أو الاعتراف غير المطابق أو المشوه يمكن أن يُعدّ ظلماً، ويمكن أن يشكل نوعاً من الاضطهاد، وذلك بتأطير وسجن شخص أو مجموعة أشخاص في نوع من الوجود الخاطئ أو المشوّه أو المختزل. ولقد أثبتت بعض الدراسات النسوية، على سبيل المثال، أنّ المرأة في المجتمع الأبوي تملك صورة مشوهة عن نفسها أو ذاتها أو هويتها. وأنها قد استبطنت هذه الصورة الدونية إلى درجة أنه عندما ترتفع بعض العوائق والحواجز في وجه حريتها فإنها تبقى عاجزة عن التحرر. وينطبق الأمر نفسه على الزنجي والمستعْمَر، وذلك لأنه منذ أجيال فرض الإنسان الأبيض صورة مشوهة عليهما. لذلك يعمل الزنجي وكلّ من يماثله على التحرر من هذه الهوية المفروضة والهدامة في الوقت نفسه. و تعتبر السياسة الفرنسية الاستعمارية في الجزائر، وبخاصة سياسة )الجزائر الفرنسية(، مثالاً نموذجياً لهذه الهوية المفروضة، وفي الوقت نفسه تعتبر المقاومة الجزائرية، بأشكالها المختلفة، مثالاً للتحرر من هذه الهوية الهدامةينطلق الفيلسوف شارل تايلور من فكرتين متلازمتين هما: أنّ الإنسان كائن اجتماعي وأخلاقي في الوقت نفسه. وأنّ الإنسان بحكم هذا الوضع، لا يمكن له أن يحقق السعادة خارج جماعته الثقافية. ولقد اعتمد في بلورة نظريته التي أطلق عليها: سياسة الاعتراف، على قراءة خاصة للفيلسوف الألماني هيغل الذي ميّز بين أخلاق موضوعية هي مجموعة المعايير والقيم المشتركة لجماعة معينة، وأخلاق ذاتية هي تلك الأخلاق الفردية التي يتبعها الفرد، ويمكن أن تكون ضد جماعته. واستنتج من هذا التمييز أنّ عملية بناء الهوية الفردية/الذاتية لا يمكن أن تتم خارج نظام اجتماعي وأخلاقي معينووفقاً لدراسته لتاريخ الهوية الحديثة، فإنها تتكون من عمليتين أساسيتين: عملية اكتشاف الذات/الأنا أو قدرة الفرد على إدراك ذاته الخاصة، وعملية الاعتراف بالذات/الأنا من قبل الآخر، بحيث تؤمن هاتان العمليتان وضعية ومنزلة للفرد ضمن بيئته الاجتماعية و الثقافية المعطاة. ولا يمكن للهوية أن تحقق حريتها إلا بالأخذ بعين الاعتبار بهاتين العمليتين؛ أي إدراك الذات/الأنا والاعتراف بهاوبالنظر إلى ما يتسم به المجتمع الحديث من تعدد، فإنّ الاعتراف بالاختلاف يُعدّ أمراً ضرورياً بالنسبة لمختلف الهويات التي تعمل سياسات الاعتراف على الاستجابة لها، و ذلك وفقاً لمعطيات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وتاريخية. وهو ما يعني أنّ سياسة الاعتراف ليست وصفة جاهزة، أو نموذجاً أحادياً، وإنما هي مقاربة قانونية وسياسية وأخلاقية، أساسها تعميق مبادئ حقوق الإنسان، وغايتها تحقيق العدل في المجال الرمزي للإنسان.

التسامح : 

متعدد الاوجه يكمن ذلك التعدد في كونه: 1-ليس دائما اعترافا بالفرد  وبهويته وبدلك فهو يدخل في اطار الاهانة. 2-قد يكون التسامح قائما عاى المصلحة فمثلا اعتراف الاغلبية المسيطرة بالقلية مهضومة الحقوق يكون وراءها مصلحة وهي ولاء الثانية للاولى الاخيرة التي ستسمح للاقلية بممارسة بعض المهام كمواطنين وكذلك منحها بعض الحقوق. 3-التسامح في هذا التصور تجاوز التصورين الاولين فهو هنا قائم علىالاحترام المتبادل بين الجماعات وذلك عن طريق احتفاظ كل بحقوقها وقناعاتها وهويتها ولا تحاول فرضها على اي جماعة اخرى رغم الاختلاف القائم.وهنا ندخل في اطار التسامح المتبادل المتحقق بقوة التبرير الاخيرة التي تلغي الاقصاء وتشجع على الدمقراطية.ان التسامح المتبادل يستدعي اقصاء الجانب الديني واستحضار الجانب العقلي داخل دائرة العقلالمستقل. 4-الفهم الخاطئ للتشامح من طرف الاقلية هو ما يجعاها تبقى حاضعة للاغلبية،لذا يستوجب عليها خلق هوية تكون الدافع وراء مطلبتها الاعتراف والسعي الى تحقيق التسامح.تلك الهوية التي ستعتبر مبررا لتحقيق الاعتراف.

التنوير

 هو تحرر الفرد من الوصاية التي جلبها لنفسه. الوصاية هي عدم قدرة الفرد على استخدام فهمه الخاص دون توجيه من الآخر. ليس القصور العقلي سبباً في جلب الوصاية، بل السبب انعدام الإقدام والشجاعة على استخدامه [أي العقل] دون توجيه من الآخر. تشجّع لتعلم! [Sapere aude!] “فلتكن لديك الشجاعة لاستخدام عقلك الخاص!” — هذا هو شعار التنوير.
الكسلُ والجُبن هما سببا بقاء شريحة كبيرة من البشر قاصرة مدى الحياة، حتى بعدما حررتهم الطبيعة من أي وصاية خارجية، وهما سببا سهولة أن يُنصّب الآخرون أنفسهم أوصياء [على هذه الشريحة]. من السّهل أن يكون المرء قاصراً. حين يكون عندي كتابٌ يُفكر بدلاً عني، وقسيسٌ يؤنبه ضميره بدلاً مني، وطبيبٌ يقرر لي تغذيتي وهكذا دواليك، فلا حاجة لأن أُجهدَ نفسي. لا أحتاج لأن أفكّر، وما دمتُ أستطيع دفع الثمن فسيقوم الآخرون بهذه المهمة الشاقة من أجلي
هؤلاء الأوصياء أخذوا على عاتقهم جعل غالبية البشرية (بما فيها الجنس الناعم) تعتقدُ أن الخطوة التي تؤدي للنضج خطيرة جداً، بالإضافة لكونها صعبة. فبعدما جعل الأوصياء قطيعهم المُستأنس غبياً وحرصوا على أن هذه المخلوقات الوديعة لن تتخذ أيّ خطوة دون الزمام الذي رُبطوا به، بيّن [الأوصياء] المخاطر التي تهددهم [أي القطيع] إذا ما حاولوا المسير بمفردهم. والواقع أن هذه المخاطر ليست جسيمة؛ فبعد التّعثر بضع مرات سيتعلمون المشي. إلا أنّ مثالاً واحداً لهذا الفشل [أي التعثر] سيُرهبهم ويثبّطهم من أي محاولات أخرى.
من الصعب جداً على الفرد أن يتخلص من الوصاية التي أصبحت بمثابة سجيّته. بل حتى أنه صار يهواها، وهو في الحاضر فعلاً غير قادر على استخدام عقله لأنّه حُرم من المحاولة قبلاً. التشريعات والقوانين، هاتين الآليّتين اللتين وضعتا لاستثمار عقلاني لمواهب الفرد الطبيعية، أو انتهاكها ربما، تجلبان وصاية دائمة. والفرد الذي يضع أوزارهما يقفز بلا ثقة حتى فوق أضيق الخنادق لأنه لم يعتد التحرّك بحرية. ولذا فليس هنالك إلا أفرادٌ قليلون نجحوا بجهدهم العقلي في تحرير أنفسهم من العجز والسير بانتظام.
لكن من الممكن جداً للعامّة [في مقابل الأفراد] أن ينوّروا أنفسهم؛ وقتما مُنحوا الحريّة فالتنوير حتمي. سيكون هنالك دائماً مفكرون مستقلّون، حتى في وجود الأوصياء الذين نصبوا أنفسهم على الجمهور، ووقتما تخلصوا من أوزار عبودية الوصاية التي أثقلت ظهورهم فسينشرون فيما بينهم روحاً تَعقِلُ وتقدّر قيمتهم الذاتية أولاً، وواجب كل فرد للتفكير بمفرده ثانياً. إلا أنه يجب التنويه على أن العامة التي وُضعت سابقاً تحت عبودية الأوصياء سيقيّدون هؤلاء الأوصياء حين يُحرضهم على ذلك بعض الأوصياء ممن لا يستطيعون إلا بعض التنوير — كم هو مضرٌّ زرع العصبيات، لأنها لاحقاً ستنتقم من زارعيها أو من تحدّر منهم. لذا فالعامة لا تستطيع نيل التنوير إلا ببطء. ربما يمكن إنهاء استبدادٍ فرديّ أو اضطهادٍ طغيانيّ متعسف بالثّورة، ولكنها [أي الثورة] لن تجلب إصلاحاً حقيقياً لأنماط التفكير. بل أنّ عصبياتٍ جديدة ستستبدل القديمة وتقيّد الجماهير اللا-مُفكرة.
التنوير لا يتطلّب إلا الحرية؛ وأبسطُ ما يمكن تسميته حريّة هو أن يكون الفرد حراً لاستخدام عقله الخاص علنيّاً في كل الأمور. لكنني أسمعُ من الجميع: “لا تجادل!” الضابط يقول: “لا تجادل، نفّذ!” جامع الضرائب يقول: “لا تجادل، ادفع!” القسيس يقول: “لا تجادل، آمنْ!” لا يوجد في العالم إلا أميرٌ [فريدريك العظيم] واحد يقول: “جادل كما تشاء وعمّا تشاء، ولكن أطع!”
نجد في كل مكان قيوداً على الحرية. لكن أيّ هذه القيود يعيق درب التنوير؟ وأيها لا ضرر فيه بل يشجّع عليها؟ أجيب: استخدام الفرد لعقله علنياً يجب دوماً أن يكون غير مقيّد، وهذا وحده ما يجلب التنوير. لكن على الجانب الآخر، فالاستخدام الخصوصي للعقل يمكن أن يُقيّد قليلاً دون أن يضر ذلك بتقدم التنوير. وحين أقول “الاستخدام العلني لعقل الفرد” أعني استخدام الفرد العالِم أمام العامّة المُتعلّمة. وأسمّي “الاستخدام الخصوصي” ذاك الذي يستخدمه الفرد في منصب مدني عُهد إليه. كثير من الشؤون المؤثرة على مصالح المجتمع تتطلّب آلياتٍ معينة تستوجب على بعض أفراد ذلك المجتمع أن يكونوا مُجمعين عليها بدون فاعلية [أي على تلك الآليات] من أجل أن تحقق الحكومة الأهداف المرجوّة أو تمنع على أقل تقدير انقشاع تلك الأهداف. في هذه الحالة يكون الجدال ممنوعاً — لا بدّ على الفرد الإطاعة. لكن إذا ما كان أحد أجزاء هذه الآليّة يرى ذاته في الوقت نفسه جزءاً من نسيج مجتمع عالميّ من المواطنين، فهو يتخذ دور العالِم الذي يخاطب العامّة عبر كتاباته وله أن يجادل دون أن تتضرر الشؤون التي يكون مسؤولاً جزئياً فيها كعضو غير فاعل.
من الخراب إذن أن يجادل ضابطٌ أثناء خدمتهِ جدوى أو ملاءمة أوامر تلقّاها من مرؤوسيه، وعليه أن يطيع. لكنّه كعالِمٍ له حق إبداء ملاحظاته حول الأخطاء في الخدمة العسكرية وعرضها أمام العامة. لا يمكن للمواطن أن يمتنع عن دفع الضرائب المفروضة عليه؛ بل أنّ استنكاراً وقحاً للضرائب المفروضة يُمكن عقابه عليه كونها قد تؤدي لعصيان عام. لكن على الرغم من ذلك، فإن هذا المواطن ذاته، كعالِم، لا يُخالف واجباته الوطنية إذا ما عبّر عن آرائه علناً حول عدم لائقية أو تعسفيّة بعض الضرائب.
القسيس أيضاً لا بد أن يلتزم أمام الجماهير بعقائد الكنيسة التي يخدمها لأنه عُيّن بهذا الشرط. لكنّه، بوصفه عالِماً، يمتلك الحرية الكاملة، بل هو مُلزم، بتبليغ جميع أفكاره (بعد أن يراجعها ويفحصها بعناية) حول المغالطات في تلك العقيدة وطرح رؤاه من أجل تحسين التنظيم والمؤسسة الدينية. ولا شيء يُثقل ضميره [أي القسّ] حين يقوم بذلك، فهو بتعليمه مُنطلقاً من منصبه إنما هو يمثّل الكنيسة، أي أنه يمثّل شيئاً لا يمتلك حريّة التعليم فيه كما يهوى؛ هو عُيّن ليتحدث بأوامر وباسم غيره. سيقول: كنيستنا تُعلّم هذا وذاك، وهذه الأدلة التي تدعم ذلك. ولذا فهو سيفيد الجماهير بأفضل ما يمكن حين يُبلّغ تلك العقائد وإن كان غير مقتنعٍ كلياً بها، والتزامه لكون الحقيقة قد تكون متخفية في طيات العقيدة. وعلى كل حال فلا يوجد في تلك العقائد ما يناقض جوهر الدين، فلو أنّه [أي القسّ] اعتقد بوجود هذه التناقضات فلن يتمكن من إدارة منصبه بضمير صافٍ، ويستوجب عليه تقديم استقالته.

شارك هذه الصفحة وتابعنا على صفحاتنا الرسمية
شارك الموضوع →
تابعنا →
إنشر الموضوع →

0 التعليقات:

إرسال تعليق

افلام اون لاين